فصل: قال ابن الجوزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقد روى هذا الحديث محمد بن سهل بن عسكر، عن أبي تَوْبَة الربيع بن نافع بإسناده، مثله.
وزاد: قال أبو سعيد: فحسب ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ أربعمائة ألف ألف وتسعين ألف ألْف.
حديث آخر: قال أبو القاسم الطبراني: حدثنا هاشم بن مَرْثَد الطبراني، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عَيّاش، حدثني أبي، حدثني ضَمْضَم بن زُرْعة، عن شُرَيح بن عبيد، عن أبي مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمَا وَالَّذي نَفْسُ مُحَمَّد بِيَدِهِ لَيُبْعَثَنَّ مِنْكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى الْجَنَّةِ مِثْلَ اللَّيْلِ الأسْوَدِ، زُمْرةٌ جَمِيعُهَا يَخْبطُونَ الأرضَ، تَقُولُ الملائِكةُ: لِمَ جَاءَ مَعَ مُحَمَّدٍ أكْثَرُ مِمَّا جَاءَ مَعَ الأنْبِيَاءِ؟». وهذا إسناد حسن.
نوع آخر من الأحاديث الدالة على فضيلة هذه الأمة وشرفها بكرامتها على الله، وأنها خير الأمم في الدنيا والآخرة.
قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا ابن جُرَيج، أخبرني أبو الزبير، عن جابر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنِّي لأرْجُو أن يكون مَنْ يَتَّبِعُنِي مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ رُبْعَ الْجَنَّةِ». قال: فكبَّرنا. ثم قال: «أَرْجُو أن يكونوا ثلثَ النَّاسِ». قال: فكبرنا. ثم قال: «أَرْجُو أنْ تَكُونُوا الشَّطْرَ». وهكذا رواه عن رَوْح، عن ابن جُرَيج، به. وهو على شرط مسلم.
وثبت في الصحيحين من حديث أبي إسحاق السَّبِيعي، عن عَمْرو بن ميمون، عن عبد الله بن مسعود قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمَا تَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا رُبْعَ أَهْلِ الْجَنِّةِ؟» فكبرنا. ثم قال: «أَمَا تَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلَ الْجَنَّةِ؟» فكبرنا. ثم قال: «إنِّي لأرْجُو أنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّة».
طريق أخرى عن ابن مسعود: قال الطبراني: حدثنا أحمد بن القاسم بن مُساور، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثني الحارث بن حَصِيرة، حدثني القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ أَنْتُمْ وَرُبْعُ الْجَنَّةِ لَكُمْ ولِسَائر الناس ثلاثة أرْبَاعِهَا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «كَيْفَ أَنْتُمْ وثُلُثُهَا؟» قالوا: ذاك أكثر. قال: «كَيْفَ أَنْتَمْ والشَّطْرُ لَكُمْ؟» قالوا: ذاك أكثر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهْلُ الْجَنّةِ عِشْرُونَ وَمَائةُ صَفٍّ، لَكُمْ مِنْهَا ثَمَانُونَ صَفًا».
قال الطبراني: تفرد به الحارث بن حَصيرة.
حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، حدثنا ضرار بن مُرَّة أبو سَنان الشيباني، عن محارب بن دِثَار، عن ابن بُرَيْدة، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ، هَذِه الأمَّةُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَانُون صَفا».
وكذلك رواه عن عفان، عن عبد العزيز، به. وأخرجه الترمذي من حديث أبي سنان، به وقال: هذا حديث حسن. ورواه ابن ماجه من حديث سفيان الثوري، عن عَلْقَمة بن مَرْثَد، عن سليمان بن بُرَيدة، عن أبيه، به.
حديث آخر: رَوَى الطبراني من حديث سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا خالد بن يزيد البَجَلي، حدثنا سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ، ثَمَانُونَ مِنْهَا مِنْ أُمَّتِي».
تفرد به خالد بن يزيد البَجَلي، وقد تكلم فيه ابن عَدِيّ.
حديث آخر: قال الطبراني: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا موسى بن غيلان، حدثنا هاشم بن مَخْلَد، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن سفيان، عن أبي عمرو، عن أبيه عن أبي هريرة قال: لما نزلت {ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ} [الواقعة: 38، 39] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنْتُمْ رُبْعُ أهْلِ الْجَنَّةِ، أَنْتُمْ ثُلُثُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَنْتُمْ نِصْفُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَنْتُمْ ثُلُثَا أَهْلِ الْجَنَّةِ».
وقال عبد الرزاق: أخبرنا مَعْمَر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نَحْنُ الآخِرُونَ الأوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَحْنُ أَوَّلُ النَّاسِ دُخُولا الْجَنَّةَ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَهَدَانَا الله لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ، فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ، النَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ غَدًا لِلْيَهُوَدِ وللنصارى بَعْدَ غَدٍ».
رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا بنحوه ورواه مسلم أيضا عن طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نَحْنُ الآخِرُونَ الأوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَحْنُ أوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ». وذكر تمام الحديث.
حديث آخر: روى الدارقطني في الأفراد من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الزهري، عن سعيد بن المسيَّب، عن عمر بن الخطاب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الْجَنَّةَ حُرِّمَتْ عَلَى الأنْبِيَاءِ كُلُّهُمْ حَتَّى أَدْخُلَهَا، وَحُرِّمَتْ عَلَى الأمَمِ حَتَّى تَدْخُلَهَا أمتِي».
ثم قال: تفرد به ابن عقيل، عن الزهري، ولم يرو عنه سواه. وتفرد به زُهير بن محمد، عن ابن عقيل، وتفرد به عَمْرو بن أبي سلمة، عن زهير.
وقد رواه أبو أحمد بن عَدِيّ الحافظ فقال: حدثنا أحمد بن الحسين بن إسحاق، حدثنا أبو بكر الأعين محمد بن أبي عَتَّاب، حدثنا أبو حفص التِّنيسي- يعني عمرو بن أبي سلمة- حدثنا صدقة الدمشقي، عن زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الزهري.
ورواه الثَّعْلَبي: حدثنا أبو عباس المَخْلَدي، أخبرنا أبو نُعْم عبد الملك بن محمد، أخبرنا أحمد بن عيسى التنيسي، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، حدثنا صدقة بن عبد الله، عن زهير بن محمد، عن ابن عقيل، به.
فهذه الأحاديث في معنى قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله} فمن اتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في هذا الثناء عليهم والمدح لهم، كما قال قتادة: بَلَغَنَا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حجة حجّها رأى من الناس سُرْعة فقرأ هذه الآية: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ثم قال: من سَرَّه أن يكون من تلك الأمة فَلْيؤدّ شَرْط الله فيها. رواه ابن جرير.
ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله بقوله: {كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: 79]. اهـ.

.موعظة:

.قال ابن الجوزي:

.المجلس الرابع والثلاثون في فضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم:

الحمد لله خالق الجامد والحساس ومبدع الأنواع والأجناس القوي في سلطانه الشديد الباس المنزه عن السنة والنعاس المخرج رطب الثمار من يابس الأغراس نفذ قضاؤه فلم يمتنع بأحراس وقهر عزه كل صعب المراس لا يعزب عن سمعه حركات الأضراس ولا دبيب ذر بالليل في مطاوي قرطاس نفذت مشيئته فكم مجتهد عاد بالياس يفعل ما يريد لا بمقتضى تدبير الخلق والقياس قدم نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم عن كل نبي دبر وساس فسبحان من أجزل له العطا وجعله خير نبي حارب وسطا وقال لأمته (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) أحمده حمدا يدوم بدوام اللحظات والأنفاس وأصلي على رسوله محمد الذي شرعه مستقر ثابت الأساس وعلى صاحبه أبي بكر الثابت العزم وقد ارتد الناس وعلى عمر قاهر الجبابرة الأشواس وعلى عثمان الصابر يوم الشهادة على مرير الكاس وعلى علي أهدى الجماعة إلى نص أو قياس وعلى عمه وصنو أبيه العباس قال الله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} الكاف في قوله (كذلك) كاف التشبيه فالكلام معطوف على قوله تعالى: {ولقد اصطفيناه في الدنيا} والتقدير فكما اخترنا إبراهيم وذريته واصطفيناهم كذلك جعلناكم أمة وسطا أي عدولا خيارا ومثله (قال أوسطهم) أي خيرهم وأعدلهم:
هم وسط يرضى الأنام بحكمهم ** إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم

وأصل هذا أن خير الأشياء أوساطها وأن الغلو والتقصير مذمومان {لتكونوا شهداء على الناس} وفيه قولان أحدهما لتكونوا شهداء يوم القيامة للأنبياء على أممهم بأنهم قد بلغوا أخبرنا ابن الحصين أنبأنا ابن المذهب أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله ابن أحمد حدثني أبي حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى نوح عليه السلام يوم القيامة فيقال له هل بلغت فيقول نعم فيدعي قومه فيقال لهم هل بلغكم فيقولون ما أتانا من نذير فيقال لنوح من يشهد لك فيقول محمد وأمته فذلك قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} قال الوسط العدل قال فتدعون فتشهدون له بالبلاغ قال (ثم أشهد عليكم) قال أحمد وحدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل والنبي ومعه الرجلان وأكثر من ذلك فيدعي قومه فيقال لهم هل بلغكم هذا فيقولون لا فيقال له هل بلغت قومك فيقول نعم فيقال له من يشهد لك فيقول محمد وأمته فيدعي محمد وأمته فيقال لهم هل بلغ هذا قومه فيقولون نعم فيقال وما علمكم فيقولون جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا قال فذلك قوله عز وجل: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} قال يقول عدلا: {لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} القول الثاني لتكونوا شهداء لمحمد على الأمم اليهود والنصارى والمجوس ويكون الرسول شهيدا عليكم بأعمالكم قاله مجاهد.
واعلم أنه كما فضل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الأنبياء فضلت أمتنا على سائر الأمم أخبرنا هبة الله بن محمد أنبأنا الحسين بن علي أنبأنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له فهم لنا فيه تبع فاليوم لنا ولليهود غدا وللنصارى بعد غد قال أحمد وحدثنا يحيى عن شعبة حدثنا أبو إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة حمراء نحوا من أربعين فقال أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة قلنا نعم قال أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة قلنا نعم قال فوالذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد ثور أسود أو السوداء في جلد ثور أحمر قال أحمد وحدثنا إسماعيل أنبأنا أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالا فقال من يعمل لي من صلاة الصبح إلى نصف النهار على قيراط ألا فعملت اليهود ثم قال من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط ألا فعملت النصارى ثم قال من يعمل لي من صلاة العصر إلى غروب الشمس على قيراطين ألا فأنتم الذين عملتم فغضب اليهود والنصارى فقالوا نحن كنا أكثر عملا وأقل عطاء قال هل ظلمتكم من حقكم شيئا قالوا لا قال إنما هو فضلي أوتيه من أشاء.
واعلم أن فضيلة هذه الأمة على الأمم المتقدمة وإن كان ذلك باختيار الحق لها وتقديمه إياها إلا أنه جعل لذلك سببا كما جعل سبب سجود الملائكة لآدم علمه بما جهلوا فكذلك جعل لتقديم هذه الأمة سببا هو الفطنة والفهم واليقين وتسليم النفوس واعتبر حالهم بمن قبلهم فإن قوم موسى رأوا قدرة الخالق في شق البحر ثم قالوا: {اجعل لنا إلها} ثم مال كثير منهم إلى عبادة العجل وعرضت لهم غزاة فقالوا: {اذهب أنت وربك فقاتلا} ولم يقبلوا التوراة حتى نتق عليهم الجبل ولما اختار سبعين منهم فوقع في نفوسهم ما أوجب تزلزل الجبل بهم ولهذا لما صعد نبينا صلى الله عليه وسلم إلى حراء في جماعة من أصحابه تزلزل الجبل فقال اسكن فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد فكأنه أشار إلى أنه ليس عليك من يشك كقوم موسى ومن تأمل حال بنى إسرائيل رآهم قد أمروا بقول حطة فقالوا حنطة وقيل لهم {ادخلوا الباب سجدا} فدخلوا زحفا وقالوا عن نبيهم هو آدر ومن مذهبهم التشبيه والتجسيم وهذا من أعظم التغفيل لأن الجسم مؤلف ولابد للمؤلف من مؤلف ومن غفلة النصارى اعتقادهم أن الله تعالى جوهر والجوهر يتماثل ولا مثل للخالق ثم يقولون عيسى ابنه وقد علم أن الابن بعض والخالق سبحانه لا يتجزأ فلا يتبعض ثم قد علموا أن عيسى لا يقوم إلا بالطعام والإله من قامت به الأشياء لا من قام بها وقد عرف يقين أمتنا وبذلهم أنفسهم في الحروب وطاعة الرسول وحفظهم للقرآن وأولئك كانوا لا يحفظون كتابهم فلهذا فضلوا فهم أول أمة يدخلون الجنة وقد قال عليه السلام أهل الجنة مائة وعشرون صفا أمتي منهم ثمانون صفا.
أخبرنا ابن الحصين أنبأنا ابن المذهب أنبأنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله ابن أحمد حدثني أبي حدثنا يزيد حدثنا بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ألا إنكم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله تعالى فالحمد لله الذي أعطانا بجوده وفضله ما لسنا من أهله.

.الكلام على البسملة:

للنقص من أعمارنا ما يكمل ** والدهر يوئسنا ونحن نؤمل

تمشي المنون رويدها لتغرنا ** أبدًا فتدركنا ونحن نهرول

يا معجبا بالعيش طال بقاؤه ** بطرا بقاؤك في المنية أطول

عن جانبي دنياك فارغب أنه ** أودى الحريص وما نجا المتوكل

وإذا الجفون تخلصت من ** مجمل الشبهات خلص نفسه من يعقل

دنيا تسر بما يضر بمثله ** واسم لها شهد ومعنى حنظل

يا هذا الدنيا دار المحن ودائرة الفتن ساكنها بلا وطن واللبيب قد فطن أين من مال إلى حب المال بالآمال وصبا وأصبح بين غبوقه وصبوحه لا يعرف وصبا وتقلب بجهله في روضتي هوى وصبا وأضحى علم شهواته على قباب عزه منتصبا وظل ربيع ربعه بوفور جمعه خصبا وكلما دعى إلى نفعه في عاقبته أبى أما شارك بمصرعه الفاجع له أما وأبا أما صار إذ رحل نبا أتراه تزود لمذهبه إذ أذهب ذهبا لقد لقي والله إذ نصب الموت شركه نصبا أين من رضى ظلال البطالة بضلاله ربعا وفنا أما أدركه التلف في أسوأ حاله ثيابا وفنا لقد غادره جفاؤه لما ينفعه جفا لا يجد لمرضه إذ تمكن من جملته شفا أين من كان مجلسه بين الناس في الصدور أين من كانت همته نضار القصور أما استلبه الموت من المنازل والقصور أين من كانت تقوى بسقائه الظهور.
أما عدم الظهير عند الموت حين الظهور حام الحمام حول حماه فلم ينفعه الحمى ورام راميه مراميه فرماه إذ رمى وصاحت به هاتفات الفراق بملء فيها ولفظته المنازل كأن لم يكن فيها كأن لم تعلق راحته براحة الهوى إذ زل قدمه في التلف وهوى وكأنه ما عزم على غرض ولا نوى إذ جذبته بأيديها النوى وكأنه ما تحرك من مراد ولا التوى حين أدركه سكون التلف والتوى أنبت والله حبل بقائه بأقطع المدى وانتثر منظوم حياته وانقطع المدى فأخرج عن الإنس كأنه ليس من الجنس وكف كفه في الرمس بعد تصرف الخمس وأصبحت منازله إذ لم يصبح بها ولم يمس كأن لم تغن بالأمس.
أخي إنما الدنيا محلة تغصة ** ودار غرور آذنت بفراق

تزود أخي من قبل أن تسكن الثرى ** ويلتف ساق للممات بساق

ما أقرب ما هو آت ما أبعد ما قد فات ما أغفل الأحياء عما حل بالأموات.
يا غافلين عن الفنا ** ليس الفنا عنكم بغافل

أخبرنا يحيى بن علي المدير أخبرنا عبد الصمد بن المأمون أخبرنا الدارقطني حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال يا قوم إني رأيت الجيش بعيني وأنا النذير العريان فالنجاء فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق أخرجاه في الصحيحين وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أحد يموت إلا ندم قالوا: فما ندمه يا رسول الله قال إن كان محسنا ندم أن لا يكون ازداد وإن كان مسيئا ندم أن لا يكون نزع يا من لا يسمع قول ناصح أما هذا الشيب دليل واضح لمن نحدث والقلب غائب ليتنا نعلم مستقره فنكاتب قلنا له بياض الشيب قد فضحك فضحك يجمع التقصير إلى التفريط ويضم وينوي فعل الذنوب فيعزم ويهم ويحك تأمل هلال الهدى فما خفي ولا غم واسمع واعظ العبر فقد زعزع الجبال الشم وأيقظ قلبك الغافل وهيهات لا تسمع الصم وعم في بحر حزنك على ذنوب تعم فلقد بالغنا في زجرك يا من بالزجر قد أم فإذا رضيت أن تكون لنفسك مبيرا فلحى الله ظئرا أشفق من الأم.